nubian blogger

Friday, March 24, 2006

إلى مصطفى محمد طاهر في عليائه

إلى مصطفى محمد طاهر في عليائه
الأرض كانت لي بما وسعت وما حوت السماء
كانت لـى الأصباح والشـفق المذهب والمساء
واليوم لا أرض.. ولا ماء.. ولا حتى الضياء
هذى بلاد النوب أرض القوس أوطان الجدود
وطن التراث مرابض التاريخ والفجر الجديد
أنا ما خلقت لكي أذل وكي أقاد إلى الحقول
أحيا على مر القرون لســيدي عبدا ذلول
فالقيد ضاق بمعصمى لما سرى فيه النحول
فكسرته ووقفت فى ساح الوغى ليثا يصول
اللرمح في عيناي والفأس الغليظة والحسام
تعلو وتهبط بالرؤوس المسـتبدة بالأنـام
لن أخاف.. ولن ألين.. ولا لمثلي أن يضام
سأطهر البلد الحبيب من الطغاة.. من اللئام
.من آخر قصيدة كتبها في مكتبي قبل مغادرته الخرطوم في رحلته الأخيرة للقاهرة.
في فجر يوم 18 مارس 1996 اختطف الموت منا الأستاذ مصطفى محمد طاهر.. عشرة سنوات مضت منذ فقدنا النوبي الذي ضحى بكل مرتخص وغال من أجل قضية الوطن وتحريره من القهر والدكتاتورية ومات في بيت إيجار ببري بعد أن كان من الملاك. وجاء نعيه في [نبوكين] إصدارة التجمع النوبي، الذي كان من مؤسسيه النشطين، كما يلي: ..كان أحد الكتاب المهمومين بقضايا الوطن عامة والنوبيين خاصة كما يعلم الجميع.. وكان يحلم معنا بالرفاهية والتـقدم للوطن كله ولموطنه الصغير فى بلاد النوبـة العريقة للخلاص من كل ما يهدده خصوصا الفقر والقهر والغرق.. كان حريصا على تبني الشباب وقضاياه.. كان صبورا عليهم، ومتغـاضيا عن شطحاتهم، ومستجيـبا لمطالبهم دون أن تحده حدود.. كان حريصا على جعل مشاركتهم فعالة ونشطة.. كان قلمه يتميز بالـفيض الدفاق عاكسا غزارة تجاربـه ومعلوماتـه.. مثلما كان أسلوبـه يتميز بالسلاسة والشاعرية.. هو خسارة لا تعوض لأنه متـفرد..لكن هل نكتفي بالبكاء عليه كعادتنا أم نجعل فحوى نضاله برنامجا يوميا لتغيير واقعنا المزري؟ يقيني انه يتقلب في قبره كلما سمع بما يحدث هذه الأيام في ساحة العمل النوبي من إتاحة المنابر لجماعات الإنقاذ ورموزهم للوقوف خطباء بيننا وفي منابرنا لفرض رؤاهم الظلامية لمستقبلنا، وأطماعهم التي لا تحدها حدود، والتغاضي المتعمد عن حقيقة أن نظامهم هو الذي حطم التعليم والصحة وأوقف التنمية ومارس القهر والإذلال لأهلنا في المنطقة طوال فترة تحكمهم حتى اليوم.نعم.. إحياء ذكرى مصطفى تتطلب من أهلنا النوبيين أينما كانوا التوقف عن البكاء والولولة إلى ما لا نهاية، وعدم الركون لمن تسببوا في كل مآسينا بمختلف الدعاوي لتبرير قبولهم لأهل الإنقاذ في العمل النوبي وأهمها تكرار أننا ينبغي أن نبتعد عن ما أسموه [السياسة] في عملنا من أجل النوبة.. إنهم بذلك يضعون الذئاب والثعالب في حظائر الأنعام والدواجن ويتوهمون أنها لن تؤكل!! هذا يتطلب ايضا إدراك أن أي عمل شعبي له مناصرون مثلما له أعداء، والأحاديث [باسم الوحدة] عن أن الاتنماء بالدم [للنوبة] تمحو تلك الحقيقة الموضوعية هي مجرد أوهام الغرض منها السماح لأعداء رفاهية النوبيين بالوقوف بيننا خطباء بعد اتفاقات السلام في محاولة لتجميل وجوههم بادعاءات العمل لتنمية متوهمة مستغلين المواقع السلطوية والموارد الحكومية المليونية المتاحة لهم وحدهم بعد إفقار أهلنا. لنكرر هنا لأسماع رأس الدولة ـ الذي لم يتورع عن اتهامنا بترك موطننا مما يبيح له منح أراضينا لكل من هب ودب من مناصريهم ـ أن سياساتهم المعادية للنوبيين حرمت الناس من القوت الضروري والتعليم والصحة مما أجبرهم على النزوح من المنطقة وإفراغ القرى من سكانها طلبا للعيش الكريم والتعليم والصحة. فمن الطبيعي إذن أن يتناقص عدد سكان محافظات الشمالية الثلاثة لحوالي 420 ألف من 760 الف عند حلول كارثة الإنقاذ في يونيو 1989، وكان لمحافظة حلفا نصيب الأسد في هذا التدهور إذ نقص عدد سكانها بأكثر من ثلثين لأن 31 قرية أفرغت من جميع سكانها وأصبح عدد البيوت المأهولة في العشرات من القرى الأخرى لا تزيد عن أصابع اليدين والنتيجة هي أن نقص السكان من 68ألف عند مجئ كارثة الإنقاذ إلى 28 ألف بما في ذلك موظفي الدولة وأجهزة النظام الأمنية والعسكرية.نحلم بأن تنتعش جمعياتنا التي أسقطت رموز الكيزان ديمقراطيا في جمعياتها العمومية وتقوم بتنظيم أنشطتها لنشر الوعي وخدمة المنطقة بمعزل عن من يتسللون بيننا لخدمة مآرب النظام باسم توحيد العمل النوبي من أجل تنمية متوهمة..عهدنا لك يامصطفى في عليائك أن يتواصل النضال لتنمية النوبة وتعرية أعداؤنا وعزلهم لخدمة أهلنا في الشمالية بمثابرة وتجرد.. ونجاح الشعب حتمي. سعاد إبراهيم أحمدالخرطوم في 19مارس 2006

0 Comments:

Post a Comment

<< Home